الثلاثاء، 30 أبريل 2013

نبي الله هود عليه السلام ووصيّته لـ بنيه





بسم الله وبه نستعين
*** 

الأمر جد وهو غير مزاحِ
فاعمل لنفسك صالحا يا صاحِ
  
كيف البقاء مع اختلاف طبائع
وكرور ليلٍ دائمٍ وصباح
  
الدهر أنصح واعظ يعظ الفتى
ويزيد فوق نصيحة النصاح
  
انظر بعينيك اليقين ولا تسل
يا أيها السكران وهو الصاحي
  
تجري بنا الدنيا على خطر كما
تجري عليه سفينة الملاح
  
تجري بنا في لج بحر ما له
من ساحل أبدا ولا ضحضاح
  
شغل البرية عن عبادة ربهم
فتنٌ على دنياهم وتلاحي
  
ومحبة الدنيا التي سلكت بهم
أبداً مع الأزواج والأشباح
  
كل البريةِ شارب كأس الردى
من حتف أنفٍ أو دمٍ سفاح
  
لا تبتئس للحادثات ولا تكن
بمسرةٍ في الدهر بالمفراح
  
أًفأينَ هودٌ ذو التقى ووصيُّه
قحطان زرع نبوّةٍ وصلاحِ
  
ِ
نبي الله هود عليه السلام ووصيته لبنيه



هود النبي - صلى الله عليه وسلم - ابن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح بن لمك ين متوشلخ بن أخنوخ وهو إدريس عليه السلام: أبن يارذ بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم أبي البشر - صلى الله عليه وسلم -. واتفق كثير من علماء السير أنَّ أول نبي مرسل بعثه الله بعد نوح بشيرا ونذيرا وأمينا على وحيه هو هود عليه السلام وهو أبو العرب العاربة وهو الذي يقول فيه علقمة:

أبونا نبي الله هود بن عابر
ونحن بنو هود النبي المطهّر
  
لنا الملك في شرق البلاد وغربها
ومفخرنا يسمو على كل مفخر
  
فمن مثل كهلان القواضب والقنا
ومن مثل أملاك البريّة حمير
  


ذكر وصية هود عليه السلام

ثم إنَّ هودا عليه السلام وصى بنيه ووعظهم فقال: أوصيكم بتقوى الله وطاعته والإقرار بوحدانيته وأحذركم الدنيا فإنّها غرارة خداعة غير باقية عليكم ولا أنتم باقون عليها. فاتقوا الله الذي إليه تحشرون ولايقتننكم الشيطان أنه لكم عدو مبين.

ثم أقبل على قومه وبني عمه عاد يوصيهم بما وصى بنيه ويعظهم بما حكى الله تبارك وتعالى عنه: (وإلى عاد أخاهم هوداً، قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره) إلى قوله (ولا تتولوا مجرمين) فكان ردهم: ما حكى الله تعالى عنهم: (يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين. وقالوا من أشد منا قوة) إلى قوله (ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون) فأهلكهم الله بالريح الصرصر كما قال عز وجل (وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية. سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية فهل ترى لهم من باقية) فلما هلكت عاد على غير دين هود جزع هود عليهم واكتأب فأنشده ابنه قحطان شعرا يسلّى عليه بعض ما كان به من القلق والارتماض والحزن على قومه وبنيه وبني عمه فقال:

إني رأيت أبي هودا يؤرقه
حزن دخيل وبلبال وتسهادُ
  
لا يحزننّك إنْ خُصّت بداهية
عادُ بن عوص فعادٌ بئس ما عادوا
  
عاد عصوا ربهم واستكبروا وعتوا
عمّا نُهوا عنه لا سادوا ولا قادوا
  
بُعداً لعادٍ فما أوهى حلومَهمُ
في كل ما ابتدأوا وكل ما اعتادوا
  
قاموا يردُّون عنهم من سفاهتهم
ريحاً بها أُهلكوا أيّان ما بادوا
  
إلاّ يظنون إنَّ الله غالبُهم
وإنَّ كلا لأمر الله منقاد
  
يا ليت شعري وليت الطير تخبرني
أسالمٌ ليَ لقمانٌ وشدادُ
  

ويروى أنَّ هذه الأبيات لابنه يعرب ثم إنَّ هودا عليه السلام ومن آمن معه من قومه أقاموا على ساحل البحر مما يلي أرض عاد يعبدون الله حتى ماتوا وانقرضوا قال الخزاعي: ثم توفي هود بالأحقاف من أرض اليمن وقبره هناك معروف بالقرب من نهر الحقيف.

ذكر بعض أهل السير والعلم بأمر هود قال: أخبرنا البحتري عن محمّد بن إسحاق يرفع الحديث إلى أبي سيد الخزاعي عن أبي الطفيل بن أبي عامر لكناني عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أنَّ رجلاً من حضرموت جاء يسأل أهل العلم فقال له على كرم الله وجهه: يا حضرمي أرأيت في بلادك كثيبا أحمر أعفر يخالطه مدرة حمراء فيه أراك وسدر موضع كذا وكذا من بلدك هل رأيت قط أو تعرفه؟ قال الحضرمي: نعم والله يا أمير المؤمنين قال عليّ عليه السلام فإن فيه قبر هود عليه السلام. قال وصار أمر هود بعده إلى وصية ابنه قحطان فدفنه بالأحقاف بموضع يقال له بجوار نهر الحقيف.
  ***
المرجع كتاب ملوك حمير وأقيال اليمن.
الثلاثاء, أبريل 30, 2013